هل نزلت مائدة من السماء زمن سيدنا عيسى؟.. ما يقوله التراث الإسلامى
نواصل قراءة سيرة سيدنا عيسى بن مريم، حسبما نقلتها كتب التراث الإسلامى، ومن ذلك ما ورد فى أمر المائدة، وهى لها أصل فى القرآن الكريم، لكن المفسرون اختلفوا بعد ذلك فى التفاصيل، فماذا قالوا؟
يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان “ذكر خبر المائدة”
قال الله تعالى: “إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّى أُعَذِّبُهُ عَذَابا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدا مِنَ الْعَالَمِينَ: (المائدة: 112-115).
قد ذكرنا فى التفسير الآثار الواردة فى نزول المائدة عن ابن عباس، وسلمان الفارسى، وعمار بن ياسر وغيرهم من السلف، ومضمون ذلك: أن عيسى عليه السلام أمر الحواريين بصيام ثلاثين يوما، فلما أتموها سألوا من عيسى إنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها، وتطمئن بذلك قلوبهم، أن الله قد تقبل صيامهم، وأجابهم إلى طلبتهم، وتكون لهم عيدا يفطرون عليها يوم فطرهم، وتكون كافية لأولهم وآخرهم، لغنيهم وفقيرهم.
فوعظهم عيسى فى ذلك، وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها، ولا يؤدوا حق شروطها، فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك من ربه عز وجل، فلما لم يقلعوا عن ذلك، قام إلى مصلاه ولبس مسحا من شعر، وصف بين قدميه، وأطرق رأسه، وأسبل عينيه بالبكاء، وتضرع إلى الله فى الدعاء والسؤال، أن يجابوا إلى ما طلبوا.
فأنزل الله تعالى المائدة من السماء، والناس ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين، وجعلت تدنوا قليلا قليلا وكلما دنت سأل عيسى ربه عز وجل أن يجعلها رحمة لا نقمة، وأن يجعلها بركة وسلامة، فلم تزل تدنوا حتى استقرت بين يدى عيسى عليه السلام، وهى مغطاة بمنديل.