هل نزلت مائدة من السماء زمن سيدنا عيسى؟.. ما يقوله التراث الإسلامى
فقام عيسى يكشف عنها، وهو يقول: بسم الله خير الرازقين، فإذا عليها سبعة من الحيتان، وسبعة أرغفة، ويقال: وخل، ويقال: ورمان وثمار، ولها رائحة عظيمة جدا، قال الله لها كونى فكانت.
ثم أمرهم بالأكل منها فقالوا: لا نأكل حتى تأكل، فقال: إنكم الذين ابتدأتم السؤال لها، فأبوا أن يأكلوا منها ابتداء، فأمر الفقراء والمحاويج والمرضى والزمنى، وكانوا قربيا من ألف وثلاثمائة، فأكلوا منها فبرأ كل من به عاهة أو آفة أو مرض مزمن، فندم الناس على ترك الأكل منها لما رأوا من إصلاح حال أولئك.
ثم قيل: إنها كانت تنزل كل يوم مرة، فيأكل الناس منها، يأكل آخرهم كما يأكل أولهم، حتى قيل: إنها كان يأكل منها نحو سبعة آلاف، ثم كانت تنزل يوما بعد يوم، كما كانت ناقة صالح يشربون لبنها يوما بعد يوم.
وقد روى ابن أبى حاتم، وابن جرير جميعا: حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي، حدثنا سفيان بن حبيب، حدثنا سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة، عن خلاس، عن عمار بن ياسر، عن النبى ﷺ قال:
” نزلت المائدة من السماء خبز ولحم، وأمروا أن لا يخونوا، ولا يدخروا، ولا يرفعوا لغد، فخانوا وادخروا ورفعوا، فمسخوا قردة وخنازير”.
ثم رواه ابن جرير، عن بندار، عن ابن أبى عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن عمار موقوفا، وهذا أصح، وكذا رواه من طريق سماك، عن رجل من بنى عجل، عن عمار موقوفا، وهو الصواب والله أعلم.
فالجمهور أنها نزلت، كما دلت عليه هذه الآثار، كما هو المفهوم من ظاهر سياق القرآن، ولا سيما قوله: “إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ ” كما قرره ابن جرير، والله أعلم.
وقد روى ابن جرير بإسناد صحيح إلى مجاهد، وإلى الحسن بن أبى الحسن البصري، أنهما قالا: لم تنزل، وأنهم أبوا نزولها حين قال: “فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّى أُعَذِّبُهُ عَذَابا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدا مِنَ الْعَالَمِينَ” ولهذا قيل: إن النصارى لا يعرفون خبر المائدة، وليس مذكورا فى كتابهم، مع أن خبرها مما يتوفر الدواعى على نقله، والله أعلم.